التعين ...دعاء بأفواه الشحاذين

من طرف **Admin** الثلاثاء يوليو 30, 2013 8:06 am

التعين ...دعاء بأفواه الشحاذين
بقلم :عادل العزاوي
كنت اجلس في حديقة بيتي ذات يوم فسمعت صوت الشحاذ الذي اعتدنا على مروره في شوارع حينا لمرتين او ثلاث في الاسبوع وهو يدعو بتلك الدعوات التي درج على
استخدامها مثل (من مال الله والسخي حبيب الله وعطايا قليلة تدفع بلايا كثيرة ) ولكن الذي لفت انتباهي انه استخدم في هذه المرة دعاءاً جديداً غير مألوف فقد كان يردد (ان
شاء الله التعيين بجاه أم البنين ) لقد استفزني هذا الدعاء بشكل كبير وجعلني أتساءل الى أي مدى أصبح التعين امراً مستحيلاً بحيث استخدمه هذا الشحاذ لاستدرار عطف الناس في المساعدة ؟ والى اي مدى أصبح الشحاذون يختارون الموضوعات الأكثر مساساً في مشاعر الناس لكي يصلون الى مبتغاهم ؟ وهنا أنا لا أتهم هؤلاء المحتاجون بالتحايل او اي أهتهام اخر لتحقيق ما يصبون ليه, انما ارثي للحالة التي جعلت مسألة التعين, ولتي هي حق أكيد لكل مواطن من ابناء الشعب وواجب حتمي على الحكومة تأمينه لجميع شراح المجتمع وفق استحقاتهم من دون ِمنٌه مسالة التعين اصبحت صعبة المنال تستوجب ادعيه وابتهالات وصلوات بالنسبة لمن ليس لديه (واسطة) مؤثره او اولئك الذين لا يستطيعون دفع المئات من الدولارات
كلنا لدينا ابناء وبنات في المدارس وجميعنا يعلم ماهي المعاناة التي يعانيها الآباء في تأمين متطلبات الابناء لحين اكمال دراساتهم وخصوصا في مرحله الإعدادية مع استفحال ظاهرة التدريس الخصوصي الذي اصبح كأنه شرط لا يمكن للطالب عبور مرحلة الإعدادية بدونه ولذي بات يثقل كاهل اباء الطلبة بشكل لا يطاق لتأتي بعدها مصاريف الجامعة المرهقة, هذا ان قُبل الطالب في محافظة سكناه وألا فالمصيبة
اكبر من المصاريف سفر وأقسام داخليه واستئجار شقه للسكن 000الخ 0 وبعد كل ذلك يجد الطالب المتخرج نفسه قبالة أبيه بلا تعيين وكأن كل فابذله من جهد ومال قد أصبح هباءا منثورا 0 والانكى من ذلك انه حتى العشرة الاوائل من خريجي الجامعات والمعاهد ، والذين كانوا يعينون مباشرةفي دوائر الدولة سابقا ،تشجيعا للتميز والتفوق لم يعودوا يتمتعون بهذا الامتياز ويقفون حالهم حال الاخرين في طابور العاطلين عن العمل 0 وانا مطلع على حالة طالبة تخرجت من كليتها وهي الاولى على تلك الكلية وعندما قدمت للتعيين كمعيده في الكلية ذاتها أخبرها العميد أنه بإمكانها ان تتعين بصفة كاتبه في دائرة التسجيل لا غير ذلك فانتفضت لهذا الاستهزاء وأكملت دراسة الماجستير وحصلت على درجة الامتياز مع ذلك فأنها ماتزال بلا تعيين تدور في حلقة مفرغة بين الوزارات أليس من العدل والانصاف ان ترعى هكذا كفاءات ونحتضنها ونستفيد من طاقاتها الخلاقة 0
أعود وأتساءل لماذا هذا الجيش من الخريجين العاطلين عن العمل وأين دور وزارة التخطيط ؟ أليس من المفترض ان يكون هناك تنسيق بين وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي لخلق موازنة بين ما تخرجه وزارة التعليم العالي ومؤسسة المعاهد الفنية من خريجين وتوزعهم حسب اختصاصاتهم على الوزارات الاخرى وألا ما
الجدوى تخريج عشرات ألاف من الطلبة من دون ايجاد فرص عمل لهم 0 و لماذا تنحصر فرص التعيين في ايدي فئه قليلة من المتنفذين من المسؤولين والسياسيين وهذا ليس تجني عليهم فقط عشنا قبل فترة قليله أيام الدعاية الانتخابية لانتخابات مجالس المحافظات ولاحظنا بأن أغلب المرشحين عزفوا على وتر التعيين للحصول على اصوات الناخبين 0
هناك مسألة اخرى تثير الانتباه بخصوص موضوع التعيين ارى ان وزارة التعليم العالي ساهمت فيها وشجعت عليها بعلمها او بدونه ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم 0 وان مسالة القبول في الجامعات والمعدلات التي ترتفع حسب كون هذا الاختصاص فيه تعين مباشر ام لا. فعلى سبيل المثال اصبح معهد النفط مرتبط بوزارة النفط يقبل الطالب بمعدل (85) فما فوق في حين ان هذا المعهد مع جل تقديري له ولدارسين فيه كان يقبل في الماضي معدل (50%) اما الان ولكونه مرتبط بأغنى وزارة بالعراق والتعين فيه مركزي ومباشر حيث ان الموظف في وزارة النفط يتقاضى اعلى راتب بين موظفي الدولة العراقية جميعا وكان الثروة النفطية ليست ثروة كل العراقيين فالموظف في وزارة النفط يمكن ان يتقاضى في العام الاول لتعينه راتبا يفوق بكثير من راتب الموظف امضى اكثر من ثلاثين عاما في وزارة اخرى فهل هذا من العدل والإنصاف ؟
اقول لماذا تلعب وزارة التعليم العالي هذه العبة في مصائر الطلبة من حيث القبول في الجامعات والعاهد وهل هي خطة مقصودة ؟ ام ماذا ؟ واذا كانت وزارة التعليم العالي لانتبه لهذا الخلل فمن ينتبه له ؟
والمهم اننا ازاء ازمة الحصول على فرص التعين نأمل ان تتضافر جهود الخيرين في جميع مفاصل الدولة ولاسيما الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية لإيجاد حل لهذه المشكلة التي باتت تؤثر سلبا على مستوى عطاء الطلبة واندفاعهم نحو التفوق من اجل بناء وطن اجمل وأكثر تطور ...